إنَّ لتربية الأبناء قواعد وأصولا واضحة المعالم، فإذا ما استمسكت الأسرة بالهدي النبوي في أصول التربية، فحتماً ستَخرج إلى المجتمع أسر واعية مدركة حجم الأعباء الملقاة على عاتقها، وخاصة في هذه الأيام حيث تكثر الدعاوى لإفساد الأسر، ومن ثم إفساد المجتمعات والدول.
يجمع التربويون على أنَّ الحب والرحمة والعطف والحنان من أهم عناصر التربية، والتي من مظاهرها أن تحنو الأم على أبنائها، والأب كذلك باحتضان الأبناء وتقبيلهم، فالأطفال مع صغر سنهم إلا أنهم مدركون لمثل هذه العواطف كما أثبتت الدراسات الاجتماعية الحديثة، ولا يمكن للقسوة أو الشدة أن تخرج جيلاً صالحاً واعياً، فيجب الدمج بين اللين والشدة في الحياة اليومية للأطفال، لوضع أسس أسرية صحيحة قائمة على التوازن لبناء حياة سليمة للطفل.
ولنا في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يخص العدل، حين قال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" وقفة أخرى؛ فقد اتفق الباحثون الاجتماعيون على أنَّ من العوامل المثيرة للحسد في نفوس الأطفال ـ مع براءتهم ونقائهم ـ: تفضيل بعضهم على بعض مادياً ومعنوياً. فحين تعمد الأم أو الأب إلى تفضيل أحد الأبناء على غيره؛ يشعر الطفل بالبغض والكره تجاه الشخص الذي ينافسه، وقد يؤدي إلى كره الأب أو الأم؛ كونه فضل عليه آخر.
إنَّ من المهمات التربوية المهمة الملقاة على عاتق الأسر: تخصيص وقت للجلوس مع أبنائهم، خصوصا الأطفال والمراهقين منهم، فلا يتركون إلا مع من تأمن الأسر أنه قادر على إرشادهم ونصحهم وفق منظومة القيم والعادات الإسلامية من المتمسكين بكتاب الله وسنته.
وكلما كبر أطفالنا عمراً مالوا إلى الجلوس مع آبائهم وأمهاتهم، وتمنوا أن يكونوا مثلهم، وبدؤوا يسألون ويستفسرون عما يشاهدون ويسمعون، وهنا يتضح دور الأسر في التربية والتوجيه والنصح؛ حتى يضمنوا لأنفسهم أبناء صالحين، فالحديث بين الآباء والأمهات وتخصيص وقت معين لهم مهما زادت مشاغل الحياة؛ الأمر الذي يدخل السرور عليهم ويورثهم العادات الاجتماعية الإيجابية، من خلال جعل القرآن والسنة منهجا ودليلا. وعندها تصبح أوقات التقاء أفراد الأسرة دعوة وتعليما وتربية.. مع الترفيه والترويح الذي لابد منه.
من جهة أخرى درجت بعض الأسر على تنفيذ العقاب بالضرب كوسيلة وحيدة لتقويم الخطأ. مع أنه يمكن علاج الخطأ بوسائل أخرى، بل هناك العديد من الوسائل التي يجب على الأسر استخدامها قبل الضرب، منها: الحرمان من بعض الأمور المفضلة، الهجران، النصح، والعديد من الوسائل الأخرى، وأخيراً الضرب وفق أصوله وضوابطه الشرعية.
إنَّ الأمانة الملقاة اليوم على عاتق الأسر حمل عظيم، ولنا أسوة في دعاء الأنبياء لذريتهم، كما في دعاء إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء}، وزكريا عليه السلام: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء}.